إسطنبول - اختتمت مؤسسة توكل كرمان في مدينة إسطنبول، اليوم الأحد، أعمال المؤتمر الأول للباحثين والخبراء اليمنيين الذي استمر على مدى يومين (11–12 أكتوبر 2025) تحت شعار "لا إمام سوى العلم"، بمشاركة واسعة من نخبة الأكاديميين والخبراء اليمنيين الذين قدموا من داخل البلاد ومن أكثر من 15 دولة حول العالم، وبحضور تجاوز 200 مشارك ومشاركة.
شهد المؤتمر تقديم أكثر من 40 ورقة علمية تناولت قضايا التنمية في مجالات متعددة، من بينها التعليم، والصحة، والاقتصاد، والطاقة، والغذاء، والهوية الوطنية، والسياسة، والحوكمة.
وقد عملت اللجان العلمية على مناقشة الأوراق بعمق أكاديمي ومنهجي، وخرجت بمجموعة من الرؤى والتوصيات العملية التي تهدف إلى الإسهام في صياغة حلول واقعية لأزمات اليمن.
وأعلن المنظمون أن جميع الأبحاث والمداخلات العلمية ستُنشر لاحقًا في كتابٍ علميٍ توثيقي يصدر عن المؤتمر، لتكون مرجعًا علميًا متاحًا للباحثين وصناع القرار.
وفي البيان الختامي، أكد المؤتمر أن "السياسة والحرب استأثرتا بالمشهد اليمني لعقد كامل، بينما جرى تهميش ملفات التعليم والتنمية والصحة"، مشيرًا إلى أن "الشؤون الوطنية أعظم خطرًا من أن تُترك للساسة وحدهم"، ومشدّدًا على أن العلم والعقل هما الطريق الحقيقي للخلاص الوطني.
ودعا المؤتمر إلى إعادة الاعتبار للنخبة العلمية والمعرفية في عملية صناعة القرار الوطني، معتبرًا أن إشراكها في النقاش العام "ضرورة وطنية لإيجاد حلول تتجاوز ما عجزت عنه السياسة".
وخلص المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات، أبرزها:
في مجال التعليم: الدعوة إلى وضع رؤية وطنية شاملة لإصلاح التعليم الجامعي والبحث العلمي وربط التخصصات بمتطلبات التنمية المستقبلية، مع تحييد التعليم عن الأيديولوجيا والعناية بالأستاذ الجامعي باعتباره "حارس المستقبل".
في الصحة: توسيع الخدمات الصحية إلى المناطق الريفية، وتفعيل نظام التأمين الصحي الشامل، وتبني استراتيجية وطنية للصحة النفسية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات الطبية.
في السياسة: التأكيد على الثوابت الوطنية المتمثلة في النظام الجمهوري، والوحدة، والديمقراطية، وحرية الفكر والتعبير، والدعوة إلى عقد اجتماعي جديد يقوم على المواطنة والعدالة والمصالحة الوطنية ونبذ الكراهية والإقصاء.
في الاقتصاد: المطالبة بتوحيد المؤسسات الاقتصادية، وإنشاء صندوق وطني لإعادة الإعمار بإدارة شفافة، وتنويع مصادر الدخل عبر الزراعة، والثروة السمكية، والمعادن النادرة، وتفعيل دور القطاع الخاص.
في الطاقة والغذاء: اعتماد سياسة وطنية للطاقة تركز على مشاريع الطاقة المتجددة وتلبية احتياجات المواطنين، وتعزيز الأمن الغذائي ودعم الزراعة المائية والعسل اليمني كجزء من التنمية الريفية.
في الهوية الوطنية: إطلاق مشروع وطني للهوية الجامعة يستند إلى التعليم والإعلام والثقافة كقوى ناعمة لتعزيز الانتماء والوحدة الوطنية ومواجهة التطرف.
وأكد البيان الختامي للمؤتمر أن اليمن يمتلك من العقول والطاقات ما يؤهله للنهوض واستعادة مكانته، داعيًا الدول الصديقة والشقيقة إلى بناء علاقات قائمة على الشراكة لا التبعية، والتعاون في مشاريع التنمية المستدامة باعتبارها الطريق الحقيقي لاستعادة الدولة.
وتوجّه المؤتمر بالشكر إلى جميع الباحثين والخبراء المشاركين واللجنة العلمية المشرفة على أعمال المؤتمر، كما عبّر عن تقديره العميق لمؤسسة توكل كرمان على جهودها الكبيرة في تنظيم هذا الحدث العلمي الوطني الذي وصفه البيان بأنه "منبر للفكر والعلم والأمل من أجل اليمن".
واختُتم البيان بالتأكيد على التزام المشاركين بمواصلة العمل لتوسيع دائرة البحث العلمي والنقاش العام حول قضايا اليمن، مع التذكير بشعار المؤتمر: "فلا إمام سوى العلم، العلم بكل حقائقه وخيالاته وسعته.”