Image

توكل كرمان

توكل كرمان (من مواليد 7 فبراير 1979، تعز / اليمن) ناشطة في مجال حقوق الإنسان وصحفية سياسية. لعبت كرمان المعروفة باسم "أم الثورة" و "المرأة الحديدية" و "سيدة الربيع العربي" دوراً رئيسياً في حركة الشباب المؤيدة للديمقراطية في اليمن عام 2011. وحصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، مع إلين جون سيرليف وليما غبوي، لريادتها في النضال السلمي (اللاعنفي) ومقاومتها للاستبداد والفساد والقمع. وأصبحت كرمان أول امرأة عربية وثاني مسلمة تفوز بجائزة نوبل للسلام، وأصغر شخص يفوز بهذه الجائزة عن عمر يناهز 32 عاماً في ذلك الوقت. وأصبحت توكل أحد القادة الرائدين في الشرق الأوسط في مكافحة الاضطهاد السياسي وتعزيز ثقافة اللاعنف كأداة للتغيير المؤسسي، مستمدة إلهامها من مارتن لوثر كينغ ومهاتما غاندي. وقد جسدت توكل كرمان قيادة حكيمة بصفتها امرأة شابة في بلد قبلي يهمين عليها الذكور، ودعت آلاف اليمنيين للإطاحة بالرئيس الراحل علي عبد الله صالح، فحظيت بالاهتمام والاعجاب في وسائل الإعلام العالمية والدولية.

بنهجها السلمي البعيد عن العنف، نجحت توكل كرمان في قلب الصورة النمطية لبلادها اليمن التي يتم تقديمها على أنها مصدر العنف والإرهاب. وأثبتت كرمان ورفاقها الثوريين للعالم أجمع أن الشعب اليمني حريص على السلام. وعلى الرغم من أن اليمن هي ثاني أكثر دولة تسليحاً لأفرادها في العالم (حوالي 55 سلاحاً لكل 100 شخص) بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فإن المتظاهرين آثروا اللاعنف أمام الكم الهائل من العنف الذي مارسه نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وقعت توكل في تهلكة كبيرة بسبب روحها الجريئة التي لا تهاب الموت ونشاطها القوي. فتعرضت للاعتداء الجسدي والتشهير الاجتماعي والتهديد والسجن السياسي. في 22 يناير 2010، بينما كانت تقود سيارتها مع زوجها، تم اختطافها وسجنها من قبل ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية ولا يحملون هوية رجال الشرطة. في تلك اللحظة، أدركت توكل أن الاحتجاجات السلمية أرعبت النظام، وأن الدافع وراء عدوان النظام هو الخوف ولا شيء غير الخوف. وأثار اعتقالها مظاهرات وتنديدات في أنحاء البلاد. وازدادت توكل شجاعة وتحدياً وتطلعاً لبناء حكومة ديموقراطية مدنية، وازداد دعمها اجتماعياً وسياسياً، بعد اعتقالها. فخرجت من السجن، وأصبحت أكثر إصراراً من أي وقت مضى على مواصلة الاحتجاجات.

أمضت توكل كرمان صاحبة العزيمة الكبيرة لإحداث التغيير السياسي والمجتمعي، تسعة أشهر في خيمة في ساحة التغيير في صنعاء، عاصمة اليمن، بعيداً عن أطفالها الثلاثة وعائلتها، وواصلت قيادة الاحتجاجات السلمية المطالبة بالعدالة والحرية. وشهدت توكل بأم عينيها مقتل رفاقها الثوار على يد القناصة والقوات الحكومية. وكانت هي الأخرى مستعدة للموت من أجل قضيتها. إنها تقول دائماً: "الطريق إلى الحرية من خلال اللاعنف أقل دموية وأكثر ضمانًا".

أصبحت توكل كرمان أحد مؤسسي مجلس ثورة شباب الشعب السلمية في مطالع عام 2011، بمشاركة العديد من النشطاء الشباب. وبعد وقت قصير من تأسيسه، بدأت بقيادة الثورة والمسيرات.

بعد صراع سلمي دام طويلاً، نجحت توكل مع رفاقها الثوريين في الإطاحة بالرئيس الراحل علي صالح بعد 32 عاماً من الحكم الاستبدادي الفاسد، واضطر علي صالح أن يوقع استقالته.

خاضت توكل النضال السلمي اللاعنفي في سن مبكرة، وتتحدث عن طفولتها فتقول: إنها منذ طفولتها كانت تحتج كثيراً على السلوك غير العادل الذي كان يتبعه التلاميذ في مدرستها. وواصلت كرمان لاحقًا حياتها المهنية لتصبح صحفية مؤهلة، تناضل من أجل حقوق الإنسان والعدالة. وقد بدأ نشاطها السياسي قبل فترة طويلة من الربيع العربي. ففي عام 2007 نشرت مقالات في الصحف اليمنية دعت فيها إلى إسقاط نظام الرئيس الراحل علي صالح، وقد أصبح لديها يقين أن نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح لن يقوم بأي تغييرات أو إصلاحات لحل المشاكل المعقدة التي تواجهها اليمن بسبب سوء الإدارة، والحركة الانفصالية في الجنوب، والحروب الستة في الشمال، والتلاعب بالحوار السياسي، وانتهاك حقوق الإنسان والحريات، وتزايد هيمنة الدولة، وتدهور الاقتصاد. وعلى الرغم من القيود الكبيرة المفروضة على الإعلام في اليمن، فإنها أخذت تكتب في الصحافة عن الظلم وانتهاكات حقوق الإنسان، بشكل فيه فيض من الجرأة والإسهاب.

كانت كرمان واحدة من ثماني صحفيات قمن بتأسيس منظمة صحفيات بلا قيود (WJWC) عام 2005 دفاعاً عن حقوق الإنسان. وقد دعمت هذه المنظمة حرية الصحافة الخاضعة للرقابة المشددة والخدمات الإخبارية عبر الهواتف المحمولة. وعندما رفضت الحكومة منحهم ترخيص خدمة "بلا قيود"، ردت منظمة صحفيات بلا قيود بنشر قائمة بانتهاكات الحكومة ضد حرية الصحافة في عام 2007. ونظمت كرمان مظاهرات ضد الفساد وانتقدت الحكومة لاستهدافها الصحفيين. ولم تبال بتهديدات القتل، وتابعت في تنظيم مظاهرات أسبوعية دفاعاً عن حقوق الإنسان، وأخذت تجمع المتظاهرين كل أسبوع أمام مجلس الوزراء اليمني في العاصمة صنعاء للضغط من أجل حرية الصحافة، فأطلق على الساحة المحيطة بمجلس الوزراء اسم "ساحة الحرية". وأصبحت ساحة الحرية النقطة الرئيسية ليرفع الشعب صوته ضد الظلم، ومنذ ذلك الحين، نظمت توكل أكثر من 100 مظاهرة سلمية واعتصاماً وفعالية تضامنٍ، احتجاجاً على القيود المفروضة على حرية الصحافة والإجراءات القضائية والحكومية ضد الصحفيين. وتعرضت لهجوم من قبل قطاع الطرق خلال الاحتجاجات الأسبوعية التي كانت تنظمها مع زملائها، وواجهت حملات تشهير متكررة من قبل وسائل الإعلام التابعة للنظام. وأصبحت توكل مصدر إلهام للنساء في اليمن باعتبارها مثالاً للمرأة التي تحقق كل ما تريد تحقيقه بما في ذلك الإصلاحات السياسية. فكانت المرأة التي أطلقت شعار: "وراء كل ثورة عظيمة نساء شجاعات".

كما لعبت توكل دوراً سياسياً نشطاً في الفترة الانتقالية بعد الإطاحة بنظام صالح. فكانت عضواً في مجلس إدارة كل من اللجنة التحضيرية ولجنة التوافق لمؤتمر الحوار الوطني. لكن هذه العملية السياسية انهارت عندما قامت مليشيات الحوثي المتحالفة مع النظام السابق بانقلاب مسلح في 21 سبتمبر 2014، واستولت على العاصمة صنعاء. بعد ستة أشهر من انقلاب الحوثيين، أخذت البلاد تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم عندما تدخل التحالف بقيادة السعودية والإمارات عسكرياً في اليمن.

ومنذ ذلك الحين، لعبت توكل دوراً مهماً وفعالاً في مواجهة الانقلاب الحوثي وما يوصف بـ "الاحتلال السعودي الإماراتي" في اليمن. ولا تزال عازمة على الدعوة إلى حوار سياسي شامل لاستئناف العملية السياسية في اليمن.
تولي توكل اهتماماً بالقضايا الدولية، وتصف نفسها دائماً بأنها مواطنة عالمية تحمل رسالة المساواة في المواطنة والإنسانية، وتدعو دائما إلى التعايش بين مختلف الثقافات والأديان والسياسات، وتبدي موقفاً قوياً ضد الاستبداد والديكتاتورية والقمع، وتدعم بالتالي الثورات في بلدان الربيع العربي.

تم الاعتراف بشجاعة توكل ونجاحاتها وإنجازاتها في جميع أنحاء العالم، ليس فقط من خلال منحها جائزة نوبل للسلام. ففي عام 2011، حصلت على العديد من الجوائز والأوسمة، مثل الاعتراف بها كواحدة من أكثر النساء تمرداً في التاريخ من قبل مجلة تايم، وإدراجها في قائمة أفضل 100 مفكر عالمي من قبل مجلة فورين بوليسي لمدة ثلاث سنوات، ووجودها على قائمة سي إن إن لأقوى نساء العرب. كما تم اختيار توكل لتشغل مناصب قوية على المستوى الدولي: عضو فريق الأمم المتحدة رفيع المستوى المكون من الأشخاص المتميزين المعنيين بالتنمية ما بعد عام 2015، وعضو المجلس الاستشاري لمنظمة الشفافية الدولية، وعضواً في العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية. حصلت توكل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء للعلوم والتكنولوجيا، ودرجة الماجستير في علم النفس التربوي من جامعة صنعاء. كما حصلت على العديد من درجات الدكتوراه الفخرية من العديد من الجامعات، بما في ذلك القانون الدولي وحقوق الإنسان والصحافة وحقوق المرأة.

انضموا لعائلتنا

Search